"وَلَبِثُواْ فِي كَهۡفِهِمۡ ثَلَٰثَ مِاْئَةٖ سِنِينَ وَٱزۡدَادُواْ تِسۡعٗا" [الكهف: 25]

 

وازدادوا تسعاً....

 من الفاعل إنهم الفتية، إذن!

فقط لنسمح للكلمات بأن تجسد نفسها  كما هي وترسم معناها بما تلقيه من ظلال وصور وومضات في أذهاننا وفهمنا وأحياناً خيالاتنا! حينها ربما أمكننا أن نقول ما يلي: 

من ازداد تسع سنوات هم الفتية وهذه الزيادة كانت زيادة حقيقة، نعم زيادة حقيقية في عدد السنوات الفعلية التي قضاها الفتية في ذلك الكهف بعد استيقاظهم من رقادهم الطويل الذي امتد لثلاثمئة سنة في ذات الكهف، وهذا يعني تباعاً أن موتهم لم يكن سريعاً ومباشراً لاستيقاظهم خاصة وأنه لا يوجد ما يؤكد ذلك أو يشير إليه في النصوص القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة.

ربما لو كانت كما تفسر أنها فرق في السنوات بين النظام الشمسي والقمري لكانت.. وازدادت تسعاً..  أي السنوات، ولكن الآية لم تقل ذلك وإنما قالت ازدادوا تسعاً أي الفتية !!!

وكذلك أمر العثور عليهم، فهو أيضاً لم يكن حدثاً مباشراً تلا استيقاظهم... وذلك من قوله تعالى "وَكَذَٰلِكَ أَعۡثَرۡنَا عَلَيۡهِمۡ لِيَعۡلَمُوٓاْ أَنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ لَا رَيۡبَ فِيهَآ إِذۡ يَتَنَٰزَعُونَ بَيۡنَهُمۡ أَمۡرَهُمۡۖ فَقَالُواْ ٱبۡنُواْ عَلَيۡهِم بُنۡيَٰنٗاۖ رَّبُّهُمۡ أَعۡلَمُ بِهِمۡۚ قَالَ ٱلَّذِينَ غَلَبُواْ عَلَىٰٓ أَمۡرِهِمۡ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيۡهِم مَّسۡجِدٗا ﴿٢١﴾".... إذن الله أعثر عليهم وتوحي كلمة أعثر على مشقة العثور وصعوبته تماماً كما توحي بتدخل إرادة الله تعالى وتسيره للأحداث والأقدار ليعثر  الناس عليهم على الرغم من حرصهم  على تخفيهم وانعزالهم في كهفهم لتسع سنوات حاولوا فيها حل اللغز ومعرفة المدة التي قضوها في نومهم.

 

لماذا حرص الفتية على عدم انكشاف أمرهم وعثور الناس عليهم؟؟!

لأنهم هم أنفسهم لم يكن لهم علم بحقيقة ما جرى معهم ولم يجدوا له تفسيراً منطقياً تستوعبه عقولهم  فكيف بالناس حولهم!! من سيصدقهم؟؟!!  كل ما يعرفونه أنهم ناموا في زمن واستيقظوا في زمن آخر تماماً دون أن يحصوا أو يعرفوا المدة بين الزمنين.

 

هل يكون أصحاب الكهف هم أصحاب الرقيم؟ 

بعد استيقاظهم وعودتهم إلى الحياة لربما حاول الفتية فك رموز ما حصل معهم ،وذلك على الأقل بمعرفة كم المدة التي ناموها بالأولوية الأولى، وبهذا قد يكون لجوئهم إلى الرقم والتدوين لما عرفوا من الأحداث في زمانهم الأول وما علموا من الأحداث في الأزمنة اللاحقة وزمانهم الحالي بالاستقصاء والتتبع... علهم يتمكنوا من إحصاء سنوات لبثهم وفهم ما كان من أمرهم.

 

ولربما كان هذا الرقيم بما فيه من معلومات وسجل للأحداث هو أحد الأسباب التي دعت الناس أن يشيروا بأن باتخاذ بنياناً عليهم، بينما ذهب من غلبوا على أمرهم أن يتخذوا عليهم مسجداً.

 

 والله تعالى أعلم.