"فَٱرۡتَقِبۡ يَوۡمَ تَأۡتِي ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٖ مُّبِينٖ ﴿١٠﴾ يَغۡشَى ٱلنَّاسَۖ هَٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٞ ﴿١١﴾ رَّبَّنَا ٱكۡشِفۡ عَنَّا ٱلۡعَذَابَ إِنَّا مُؤۡمِنُونَ ﴿١٢﴾ أَنَّىٰ لَهُمُ ٱلذِّكۡرَىٰ وَقَدۡ جَآءَهُمۡ رَسُولٞ مُّبِينٞ ﴿١٣﴾ ثُمَّ تَوَلَّوۡاْ عَنۡهُ وَقَالُواْ مُعَلَّمٞ مَّجۡنُونٌ ﴿١٤﴾ إِنَّا كَاشِفُواْ ٱلۡعَذَابِ قَلِيلًاۚ إِنَّكُمۡ عَآئِدُونَ ﴿١٥﴾ يَوۡمَ نَبۡطِشُ ٱلۡبَطۡشَةَ ٱلۡكُبۡرَىٰٓ إِنَّا مُنتَقِمُونَ ﴿١٦﴾" [الدخان: ١٠-١٦]

رسول مبين... ولكنه يتهم بأنه مُعَلَم مجنون!!!

"أَنَّىٰ لَهُمُ ٱلذِّكۡرَىٰ وَقَدۡ جَآءَهُمۡ رَسُولٞ مُّبِينٞ ﴿١٣﴾ثُمَّ تَوَلَّوۡاْ عَنۡهُ وَقَالُواْ مُعَلَّمٞ مَّجۡنُونٌ ﴿١٤﴾"

 

الدخان من أحداث آخر الزمان ولكن هل يتولى أهل آخر الزمان عن محمد عليه الصلاة والسلام كما تخبر الآيات ويصفونه بأنه معَلَم مجنون -حاشاه صلى الله عليه وسلم-؟!!!

هل تحدث مواجهة وجهاً لوجه بين ناس آخر الزمان ومحمد عليه الصلاة والسلام تنتهي بذلك بذلك الاتهام؟؟!!

 

إذن من هو ذاك الرسول الذي يتولى عنه الناس آخر الزمان ويتهمونه بأنه معلم مجنون ليستحقوا عذاب الدخان الذي يرسله الله تعالى عليهم؟

 

قد يكون المقصود بالرسول هنا هو عيسى عليه السلام وقد نزل إلى الأرض في آخر الزمان ليقود المعركة الأرضية الحاسمة بين الحق والباطل… فيدعو الناس إلى القرآن الكريم والإسلام.. ولكن يبدو أن أشد من يعارض عيسى عليه السلام هم قومه وأتباعه من أهل الكتاب!!

ففي الوقت الذي قضوا آلاف السنين ينتظرونه ليناصرهم -على دينهم المحرَّف- يُفاجؤون به ألد أعدائهم يبطل ما يتبعون ويكسر صليبهم ويعلن الحرب عليهم إذا لم يتبعوا الإسلام..  فيدمر ما قضوا حياتهم ومالهم في سبيل محاربته وهو الإسلام!  وبهذا يتولون عنه ويقفون منه موقف العدو متَهِمين إياه بأنه معلم  للغة غير لغته وكتاب غير كتابه ودين غير دينه!! إشارة إلى العربية والقرآن والإسلام.وينزعون عنه صفة العقل واصفين إياه بالجنون!! وهي صفة طالما وجهتها الأقوام السابقة إلى رسلهم جميعاً.  فيرسل الله تعالى عليهم دخانا مبيناً لكفرهم بالرسول المبين!! ثم يرفع الله عنهم عذاب الدخان عندما يتوجهون إليه بإيمان كاذب وهو يعلم ذلك منهم كما تصف الآية "رَّبَّنَا ٱكۡشِفۡ عَنَّا ٱلۡعَذَابَ إِنَّا مُؤۡمِنُونَ ﴿١٢﴾" - حالهم حال الأقوام السابقة آمنت حين رأت العذاب- فيكشف الله تعالى عنهم العذاب في الحياة الدنيا مع الاخبار مسبقاً أنهم سيعودون إلى كفرهم وعصيانهم... "إِنَّا كَاشِفُواْ ٱلۡعَذَابِ قَلِيلًاۚ إِنَّكُمۡ عَآئِدُونَ ﴿١٥﴾" ويتوعدهم بالانتقام يوم البطشة الكبرى يوم القيامة "يَوۡمَ نَبۡطِشُ ٱلۡبَطۡشَةَ ٱلۡكُبۡرَىٰٓ إِنَّا مُنتَقِمُونَ ﴿١٦﴾"

 

يؤكد أن عيسى عليه السلام سيدعو أهل الكتاب إلى الإيمان مرة أخرى قبل موته الآية ١٥٩ من سورة النساء، والتي تشير إلى أن هناك من سيؤمن بدعوته قبل موته وتكمل الصورة سورة الدخان لتخبرنا أن هناك من سيكفر به ويعاديه ويستحق عذاب الدخان

"وَقَوۡلِهِمۡ إِنَّا قَتَلۡنَا ٱلۡمَسِيحَ عِيسَى ٱبۡنَ مَرۡيَمَ رَسُولَ ٱللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمۡۚ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكّٖ مِّنۡهُۚ مَا لَهُم بِهِۦ مِنۡ عِلۡمٍ إِلَّا ٱتِّبَاعَ ٱلظَّنِّۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينَۢا ﴿١٥٧﴾ بَل رَّفَعَهُ ٱللَّهُ إِلَيۡهِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمٗا ﴿١٥٨﴾ وَإِن مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ إِلَّا لَيُؤۡمِنَنَّ بِهِۦ قَبۡلَ مَوۡتِهِۦۖ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يَكُونُ عَلَيۡهِمۡ شَهِيدٗا ﴿١٥٩﴾ " النساء  

 

والله تعالى أعلم.